responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3504
[كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ] [بَابُ النَّفْخِ فِي الصُّورِ]

الْعَاطِفِ، فَهُوَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ انْتَهَى. وَهُوَ أَمْرُ مُخَاطِبٍ لِلْمَلَائِكَةِ وَالضَّمِيرُ لِلنَّاسِ، يُقَالُ: وَقَفَتِ الدَّابَّةُ وَوَقَفْتُهَا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، الْمَعْنَى احْبِسُوهُمْ (إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) : اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ (فَيُقَالُ: أَخْرِجُوا) : أَمْرٌ لِلْمَلَائِكَةِ أَيْ: مَيِّزُوا مِمَّا بَيْنَ الْخَلَائِقِ (بَعْثَ النَّارِ) أَيْ: مَبْعُوثَهَا بِمَعْنَى مَنْ يُبْعَثُ إِلَيْهَا (فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ كَمْ؟) أَيْ: سَأَلَ الْمُخَاطَبُونَ مِنْ كَمِّيَّةِ الْعَدَدِ الْمَبْعُوثِ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُونَ: كَمْ عَدَدًا نُخْرِجُهُ مِنْ كَمْ عَدَدٍ؟ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَكَمِ الْأُولَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَكَمِ الثَّانِيَةُ مُبْتَدَأٌ، أَوْ هُمَا مَفْعُولَا نُخْرِجُ الَّذِي لِلْمُتَكَلِّمِ، (فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ) : بِالنَّصْبِ أَيْ: أَخْرِجُوا لِلنَّارِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ (وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ) ، قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَسْتَوْجِبُونَ النَّارَ بِذُنُوبِهِمْ يُتْرَكُونَ فِيهَا بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصْرَفُوا عَنْ طَرِيقِ جَهَنَّمَ بِالشَّفَاعَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْلُصُوا مِنْهَا بَعْدَ دُخُولِهَا بِالشَّفَاعَةِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ عَذَابَ النَّارِ بِلَا حِسَابٍ وَلَا كِتَابٍ، فَهُمْ مُخَلَّدُونَ فِي الْعِقَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (فَذَلِكَ) أَيِ: الْوَقْتُ (يَوْمَ) ، أَوْ فَذَلِكَ الْحُكْمُ وَقْتَ (يُجْعَلُ) أَيْ: يَصِيرُ فِيهِ (الْوِلْدَانُ) أَيِ: الصِّبْيَانُ جَمْعُ وَلِيدٍ (شِيبًا) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ أَشْيَبَ كَأَبْيَضَ وَبِيضٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَصِيرُ الْأَطْفَالُ شِيبًا فِي الْحَالِ، فَالْمَعْنَى لَوْ أَنَّ وَلِيدًا شَابَ مِنْ وَاقِعَةٍ عَظِيمَةٍ لَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ هَذَا، يَوْمَ مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَتْحِ مُضَافًا، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمُ مَرْفُوعًا، وَيُجْعَلَ الْوِلْدَانُ صِفَةً لَهُ، فَيَكُونُ الْإِسْنَادُ مَجَازِيًّا وَأَنْ يَكُونَ مُضَافًا مَفْتُوحًا، فَيَكُونُ الْإِسْنَادُ حِينَئِذٍ حَقِيقِيًّا وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ وَأَوْفَقُ، لِمَا وَرَدَ فِي التَّنْزِيلِ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] ، (وَذَلِكَ) أَيْ: أَيْضًا (يَوْمَ يُكْشَفُ) : فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ بِرَفْعِ يَوْمٍ مُنَوَنًّا، وَفِي بَعْضِهَا بِالْفَتْحِ مُضَافًا، وَهُوَ أَوْفَقُ لِمَا فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ يُكْشَفُ (عَنْ سَاقٍ) أَيْ: شِدَّةٍ عَظِيمَةٍ، يُقَالُ: كَشَفَتِ الْحَرْبُ عَنِ السَّاقِ إِذَا اشْتَدَّ فِيهَا، وَكَانَ أَصْلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ يَمُوتُ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، فَيُدْخِلُ الْمُدْمِرُ يَدَهُ فِي رَحِمِهَا فَيَأْخُذُ سَاقَهُ ; فَجُعِلَ لِكُلِّ أَمْرٍ عَظِيمٍ وَخَطْبٍ جَسِيمٍ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا مِمَّا هَابَ الْقَوْلَ فِيهِ شُيُوخُنَا، فَأَجْرَوْهُ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَلَمْ يَكْشِفُوا عَنْ بَاطِنِ مَعْنَاهُ، عَلَى نَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي التَّوَقُّفِ عَنْ تَفْسِيرِ كُلِّ مَا لَا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِكُنْهِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، أَمَّا مَنْ تَأَوَّلَهُ فَقَالَ: ذَلِكَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ شِدَّةٍ عَظِيمَةٍ وَبَلِيَّةٍ فَظِيعَةٍ، وَهُوَ إِقْبَالُ الْآخِرَةِ وَظُهُورُهَا وَذَهَابُ الدُّنْيَا وَإِدْبَارُهَا، وَيُقَالُ لِلْأَمْرِ إِذَا اشْتَدَّ وَتَفَاقَمَ وَظَهَرَ وَزَالَ خَفَاؤُهُ: كَشَفَ عَنْ سَاقِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ سَاقٌ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
وَذَكَرَ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ: ( «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ» ) أَيْ: حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» ، فَالْمُرَادُ بِالْهِجْرَةِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُنْقَطِعَةٍ هِيَ الْهِجْرَةُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ مِنْ دِيَارِ الْبِدْعَةِ إِلَى دِيَارِ السُّنَّةِ، أَوْ مِنْ بِلَادِ الشَّرِّ إِلَى بِلَادِ الْخَيْرِ، (فِي بَابِ التَّوْبَةِ) : وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ فِعْلِيٌّ مُنْضَمٌّ إِلَى بَيَانٍ قَوْلِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ أَنْسَبُ بِذَلِكَ الْبَابِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 8  صفحه : 3504
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست